يؤثر الصراع في السودان على دول الجوار. نرصد تداعياته على الوضع في مصر وجنوب السودان
مصر
انصبّ حديث المقاهي في القاهرة حول احداث العنف التي اندلعت في السودان قبل أربعة أسابيع. حيث أثارت الصور المتداولة لاحتجاز نحو 30 جنديًا مصريًا في السودان لبعض الوقت من قبل ميليشيات الدعم السريع وواقعة مقتل دبلوماسي مصري في الخرطوم ضجة في مصر.
وقد كان هؤلاء الجنود المحتجزون في قاعدة مروي الجوية في شمال الخرطوم، التي تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية – رسميا في مهمة تدريبية تم الاتفاق عليها. غير أن قوات الدعم السريع والمراقبين الدوليين تنظر لوجودهم هناك على أنه دعم طويل الأمد للجيش السوداني بقيادة الجنرال البرهان. وقد خلقت هذه الصور المهينة التفافا وطنيا واسعا في نظر العديد من المصريين الذين لفتوا بمرارة الى أن ما يجمعهم ليس فقط القرب الجغرافي بل وأيضًا أواصر العلاقة الوطيدة بين البلدين المتجاورين.
فإلى جانب الحدود التي تمتدّ أكثر من 1200 كيلومتر في جنوب مصر، فالعلاقة الثنائية بين البلدين متعدّدة الأوجه فهما يتشاركان، تاريخيا، ليس فقط في الماضي الاستعماري ولكن أيضًا في التطورات السياسية التي شهدها العقد الماضي. غير أن اندلاع الصراع بين ميليشيات الدعم السريع والجيش السوداني أدّى بشكل مفاجئ إلى انهاء مسار هذه التطورات السياسية بقيادة الجيش السوداني - وهو السيناريو الذي كان قد ولّد ارتياحا لدى القيادة المصرية.
ولئن انصبّ الاهتمام على نجاح عملية إجلاء الموظفين الدوليين من السودان، فإنه لا يجب أن يغيب عنا توفير الحماية والدعم للاجئين السودانيين الوافدين الى مصر والدول المجاورة الأخرى.
وفي كل الأحوال، ليس لمصر أية مصلحة في زعزعة الاستقرار في السودان وتدعو جميع الأطراف إلى الالتزام بوقف إطلاق النار بشكل دائم. إن حالة عدم اليقين السياسي على الحدود الجنوبية للبلاد وغرق السودان في أتون حرب أهلية هي أسوأ سيناريو بالنسبة لمصر. السودان، الذي يحد نهر النيل، ليس فقط حليفًا مهمّا لمصر في قضية مشروع سد النهضة الإثيوبي الكبير. فالقيادة المصرية تراهن على الجيش السوداني الذي تعتبره أفضل ضامن لمصالحها.
فاللعبة الجيوسياسية لمختلف الداعمين لطرفي الصراع السوداني وضعت القاهرة في مأزق دبلوماسي. فالإمارات العربية المتحدة، وهي حليف مهم لمصر، تدعم قوات الدعم السريع، وكذلك اللواء الليبي حفتر، الحليف الوثيق للقاهرة في النزاع الدائر في ليبيا. فمصر، التي تمر حاليا بأزمة اقتصادية ومالية خانقة، تعتمد على الاستثمار المتأتي من منطقة الخليج وخاصة من الإمارات العربية المتحدة. لذلك فإن الصراع في السودان له بعد سياسي داخلي أيضًا. وكل هذا يجعل الصراع أكثر احتداما بالنسبة للدبلوماسية المصرية. فعلى المدى القصير، يمكن لمصر أن تلعب دورًا مهمًا وبناءً، لا سيما في إقناع الجنرال حفتر بوقف أيّ تدفق للأسلحة من ليبيا إلى منطقة النزاع هناك. أما على المدى الطويل، ولتحقيق الاستقرار في المنطقة، سيكون من الضروري إشراك الأطراف المدنية الفاعلة في حل الصراع في السودان. والأكيد أن هذا يصبّ أيضًا في مصلحة مصر على المدى الطويل لأنه قد يساعد على تفادي سيناريو حرب أهلية بدأت نذرها تلوح في الأفق.
وقد أصبح الوضع على الحدود السودانية المصرية متوترا للغاية. إذ يقطع آلاف اللاجئين السودانيين رحلة طويلة ومكلفة من الخرطوم إلى القاهرة حيث بدأ الآلاف منهم بالتدفق على المنافذ الحدودية القليلة المشتركة بين مصر والسودان.
ساهم النزاع الحدودي بين البلدين حول مثلث حلايب الذي بقي معلقا دون حل في تقليص عدد نقاط العبور التي كان من الممكن إنشاؤها. وقدرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن حوالي 50 ألف شخص اجتازوا الحدود باتجاه مصر في الأسابيع الأخيرة. فحتى قبل اندلاع الصراع، كان هناك حوالي خمسة ملايين سوداني مقيم في مصر، معظمهم منذ عشرات السنين. ومن بين هؤلاء، حوالي60,000 فقط مسجلون لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وقد حصلوا على صفة لاجئ. لذلك تمثل الجالية السودانية - وخاصة تلك المقيمة في القاهرة - نقطة اتصال مهمة وهي تلعب دورًا مركزيًا في استقبال اللاجئين. ومع ذلك، لن يكون هذا ممكنًا على المدى الطويل.
وكلما طال الصراع، زادت أهمية الوقوف إلى جانب مصر ومنظمات الأمم المتحدة العاملة في مصر لدعم اللاجئين. فإلى جانب التركيز على إجلاء الموظفين الدوليين من السودان بنجاح، فلا يجب أن ننسى حماية الاجئين السودانيين في مصر والدول المجاورة الأخرى وتقديم الدعم لهم.
جنوب السودان
تشهد الحدود تدفقاً للاجئين الفارين مع وصول ما لا يقل عن 30 ألف شخص من الخرطوم ومنطقة غرب دارفور إلى جنوب السودان منذ اندلاع القتال هناك. وأغلب هؤلاء اللاجئين هم من جنوب السودان، وقد سبق لهم أن نزحوا نحو الشمال هربًا من العنف والصراع جنوب الحدود. وشهدت بلدة الرنك الحدودية الصغيرة، أين يتوافد معظم الفارين من الخرطوم، اكتظاظا باستقبال عدد هائل من الناس. وتعمل المنظمات الإنسانية على مساعدة الواصلين إلى المطار الصغير في بالويش لمواصلة رحلتهم إلى جوبا في أسرع وقت ممكن. ونظرا لعدم كفاية الرحلات الجوية ولمنع تفاقم أزمة إنسانية في المنطقة الحدودية، تدرس الحكومة حاليا استخدام المراكب على نهر النيل لنقل اللاجئين إلى أجزاء أخرى من جنوب السودان.
تُعرّض الأزمة السودانية عملية السلام في جنوب السودان للخطر.
كان لتوافد عشرات الآلاف من اللاجئين بسبب الحرب الدائرة بين الجنرالين السودانيين تداعيات جلية على الجار الجنوبي للبلاد. فلا تزال دولتي السودان مترابطتين بشدة حتى بعد حصول جنوب السودان على الاستقلال في عام 2011. غير أنّ أكثر ما يقلق الحكومة في جوبا هو خطر تدمير البنية التحتية لتصدير النفط في السودان عمداً أثناء القتال. حيث يشكل إنتاج النفط أكثر من 90 في المائة من عائدات حكومة جنوب السودان. ويذكر أن "الذهب الأسود" يصل إلى الأسواق العالمية عبر السودان، ولا يوجد خط أنابيب بديل. وحاليا يتحكّم الجيش الوطني السوداني في عائدات رسوم استخدام خطوط الأنابيب، وهو بلا شك قد يثير استياء ميليشيا الدعم السريع. فأي هجوم على خط الأنابيب سيكون له عواقب اقتصادية مدمّرة على جوبا.
وتشكو وزارة الإشراف من تدني سعر السوق لنفط جنوب السودان بسبب الوضع في السودان، حيث يستغل المشترون عدم الاستقرار في البلاد لخفض الأسعار. ومن المرجح أن تؤثر المصلحة المشتركة لحكومة جنوب السودان والجيش السوداني بقيادة الجنرال البرهان في الحفاظ على صادرات النفط بدورها على جهود السلام التي يبذلها رئيس جنوب السودان سلفا كير الذي يسعى للتوسط بين طرفي الصراع بدعوتهما إلى إجراء محادثات في جوبا، الا أنّ مساعيه لم تكلل بالنجاح الى حدّ الآن.
ويحذر الناشط الجنوب سوداني إدموند ياكاني من أن الأزمة في السودان تهدد أيضًا عملية السلام في جنوب السودان. حيث يمثل السودان أحد الضامنين الإقليميين لاتفاق السلام الذي أنهى الحرب الأهلية رسميًا في عام 2018 والفاعل الأقوى نفوذاً على أحزاب السلام في جوبا. ويتمثل الخطر الراهن في مواصلة الأطراف عرقلة عملية السلام من ناحية – ومن ناحية أخرى، توجيه كل تركيز المجتمع الدولي واللاعبين الإقليميين الآخرين فقط على السودان. بالإضافة إلى ذلك، يهدد عدم الاستقرار في السودان بتدفق المزيد من الأسلحة الصغيرة عبر الحدود، في حين أن التبادل النشط للسلع اليومية بين الشمال والجنوب يواجه مصاعب، مما فاقم أزمة الإمدادات.
جميع الأطراف في معاهدة سلام جنوب السودان، وكذلك الجماعات المسلحة التي تقاتل الحكومة الانتقالية، لها صلات مع مختلف اللاعبين من المدنيين والمسلحين في السودان. الا أنّ الكيفية التي سينتهي بها الصراع والجهة التي سيكون له الغلبة واليد العليا في نهاية المطاف سيؤثر بشكل مباشر على ديناميكيات السلطة في السجال السياسي الدائر في جوبا وعلى مشهد الصراع في البلاد بشكل أوسع. وفي حال استمر الصراع وأخذ في التوسّع، قد يتجه الطرفين الى تجنيد قوات متحمسة للقتال منتمية لمشهد الصراع المفكك في جنوب السودان، والتي من المحتمل أن تعود لاحقًا محمّلة بمزيد من الأسلحة والخبرة القتالية والدعم السياسي الخارجي الجديد.
Share your ideas with our team!
info.mena@fes.de
This site uses third-party website tracking technologies to provide and continually improve our services, and to display advertisements according to users' interests. I agree and may revoke or change my consent at any time with effect for the future.
These technologies are required to activate the core functionality of the website.
This is an self hosted web analytics platform.
Data Purposes
This list represents the purposes of the data collection and processing.
Technologies Used
Data Collected
This list represents all (personal) data that is collected by or through the use of this service.
Legal Basis
In the following the required legal basis for the processing of data is listed.
Retention Period
The retention period is the time span the collected data is saved for the processing purposes. The data needs to be deleted as soon as it is no longer needed for the stated processing purposes.
The data will be deleted as soon as they are no longer needed for the processing purposes.
These technologies enable us to analyse the use of the website in order to measure and improve performance.
This is a video player service.
Processing Company
Google Ireland Limited
Google Building Gordon House, 4 Barrow St, Dublin, D04 E5W5, Ireland
Location of Processing
European Union
Data Recipients
Data Protection Officer of Processing Company
Below you can find the email address of the data protection officer of the processing company.
https://support.google.com/policies/contact/general_privacy_form
Transfer to Third Countries
This service may forward the collected data to a different country. Please note that this service might transfer the data to a country without the required data protection standards. If the data is transferred to the USA, there is a risk that your data can be processed by US authorities, for control and surveillance measures, possibly without legal remedies. Below you can find a list of countries to which the data is being transferred. For more information regarding safeguards please refer to the website provider’s privacy policy or contact the website provider directly.
Worldwide
Click here to read the privacy policy of the data processor
https://policies.google.com/privacy?hl=en
Click here to opt out from this processor across all domains
https://safety.google/privacy/privacy-controls/
Click here to read the cookie policy of the data processor
https://policies.google.com/technologies/cookies?hl=en
Storage Information
Below you can see the longest potential duration for storage on a device, as set when using the cookie method of storage and if there are any other methods used.
This service uses different means of storing information on a user’s device as listed below.
This cookie stores your preferences and other information, in particular preferred language, how many search results you wish to be shown on your page, and whether or not you wish to have Google’s SafeSearch filter turned on.
This cookie measures your bandwidth to determine whether you get the new player interface or the old.
This cookie increments the views counter on the YouTube video.
This is set on pages with embedded YouTube video.
This is a service for displaying video content.
Vimeo LLC
555 West 18th Street, New York, New York 10011, United States of America
United States of America
Privacy(at)vimeo.com
https://vimeo.com/privacy
https://vimeo.com/cookie_policy
This cookie is used in conjunction with a video player. If the visitor is interrupted while viewing video content, the cookie remembers where to start the video when the visitor reloads the video.
An indicator of if the visitor has ever logged in.
Registers a unique ID that is used by Vimeo.
Saves the user's preferences when playing embedded videos from Vimeo.
Set after a user's first upload.
This is an integrated map service.
Gordon House, 4 Barrow St, Dublin 4, Ireland
https://support.google.com/policies/troubleshooter/7575787?hl=en
United States of America,Singapore,Taiwan,Chile
http://www.google.com/intl/de/policies/privacy/