كان لتفكك أنظمة الدول وزيادة الأزمات والصراعات بالغ التأثير على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الماضي القريب. فقد اندلعت صراعات عنيفة في أجزاء كثيرة من هذه المنطقة: في بلاد الشام (العراق / سوريا)، وشبه الجزيرة العربية (اليمن)، وكذلك في شمال إفريقيا (ليبيا). ولا يزال الصراع "الكلاسيكي" في الشرق الأوسط بين إسرائيل وفلسطين دون حل. بالإضافة إلى ذلك، هناك صراعات تجري ضمن الحدود الوطنية. وتسعى مؤسسة فريدريش إيبرت للإسهام في إيجاد تفاهم أفضل بين مختلف الفاعلين وبالتالي في تسوية النزاعات القائمة بشكل سلمي.
تفتقر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا - أكثر من أي منطقة أخرى في العالم - إلى المؤسسات التي تضم مختلف الجهات الفاعلة على الصعيد الإقليمي للتعامل بشكل شامل مع المسائل الأمنية الناشئة. ويشكل تراجع حضور الولايات المتحدة في المنطقة، فضلاً عن بروز بعض الجهات الفاعلة الخارجية، بالإضافة إلى انتهاج سياسة خارجية أكثر حزماً تتخذها قوى إقليمية تحديًا للأمن الإقليمي. ولا يزال الواقع السياسي يتميّز بقوة المنافسة وانعدام الثقة المتبادل والسلوك الذي ينزع للعنف. ففي غياب هذه المؤسسات، يُنظر إلى سياسة الأمن الإقليمي على أنها صفقة خاسرة.
ومن خلال المشروع الإقليمي السلام والأمن الذي يتّخذ من بيروت مقرا له، تهدف مؤسسة فريدريش إيبرت إلى مرافقة وتعزيز التنمية وتأسيس هيكل أمني إقليمي شامل. ومن خلال اتصالها الحصري بالجهات الفاعلة في السياسة الأمنية الألمانية داخل الإطار الإداري والسياسي، فضلاً عن شبكتها الممتدّة في مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تقدم مؤسسة فريدريش إيبرت نفسها كمنتدى للتلاقي وكوسيط إذا رغب الأطراف في ذلك. ويمثل الهدف في بدء حوارات بناءة بأشكال مختلفة قائمة على الاحترام المتبادل تضمّ راسمي السياسات والباحثين والمهنيين الشباب من خلفيات متنوعة.