هل سيشكل مؤتمر الأطراف السابع والعشرين (COP27) لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغير المناخي في مصر نقطة تحول للعدالة المناخية في المنطقة ؟
مما يوفر فرصة مهمة لوضع مصر والمنطقة تحت محط أنظار العالم، وبالتالي يسمح بإظهار مدى تأثر المنطقة بالتغير المناخي وزيادة الوعي فيما يتعلق بالتغير المناخي بين السكان المحلييّن. إن التحديات الحالية وبالتالي التوقعات لرئاسة مصر لمؤتمر الأطراف ليست صغيرة على الإطلاق. في سنة 2021 تم في مؤتمر الأطراف السادس والعشرين (COP26) الوصول الى ميثاق غلاسكو للمناخ، حيث أعادت الدول التأكيد على اتفاق باريس المتمثل في الحفاظ على 1.5 درجة فوق المعدل (الحد من الزيادة في متوسط درجة الحرارة العالمية إلى أقل بكثير من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية ومواصلة الجهود للحد منها إلى 1.5 درجة مئوية). ومن بين الإنجازات التي حققها (COP26) كانت الانتهاء من تحديد قواعد اتفاق باريس (بعد ست سنوات من المناقشات)، والمبادئ التوجيهية لكيفية تنفيذ اتفاق باريس. بالإضافة إلى ذلك، ولأول مرة على الإطلاق، تعهدت غالبية الدول التخلـص التدريجـي مـن طاقـة الفحـم والدعـم للوقـود الاحفوري. كما يدعو ميثاق غلاسكو للمناخ إلى مضاعفة التمويل لدعم البلدان النامية في التكيف مع آثار تغير المناخ وتوفير خيارات أخرى ذات مرونة.
ومع ذلك تؤمن العديد من المنظمات الغير حكومية المعنية بالمناخ من أن هذه الجهود غير كافية وتأتي بعد فوات الأوان، لأننا وبالرغم من الجهود الحالية ما نزال نتجه الى زيادة في معدل الاحترار العالمي فوق ال 2 درجة مئوية. مما يعد حكماً بالإعدام على العديد من الجزر الصغيرة مثل جزر المالديف ويمكن أيضاً أن يغمر المدن الساحلية مثل الإسكندرية ودلتا النيل. كما انتقد بعض النشطاء ميثاق غلاسكو للمناخ لفشله في إلزام الدول الغنية وذات الثروات بدفع تعويض الخسائر والأضرار الناجمة عن الظواهر الجوية المتطرفة التي تفاقمت بسبب تغير المناخ.
علاوة على ذلك، نجد أن دول جنوب الكرة الأرضية التي تعد أقل إنتاجاً لثاني أكسيد الكربون وأقل الدول تسبباً في التغير المناخي يعم عليها الشعور بالظلم في الوضع الراهن. نظراً لدعوتها وتحميلها مسؤولية التغير المناخي والزامها المساهمة في العمل المناخي في حين كانت دول شمال الكرة الأرضية تصدر الكثير من ثاني أكسيد الكربون منذ عقود. هذا وقد تم تحديد مساهمات العمل المناخي هذه من قبل البلدان النامية من خلال المساهمات المحددة وطنياً (NDCs). حيث تعد المساهمات المحددة وطنيًا في صميم اتفاق باريس وتحقيق لهذه الأهداف طويلة المدى لأنها تجسد جهود كل بلد للحد من الانبعاثات الوطنية والتكيف مع آثار تغير المناخ. ولقد حددت العديد من البلدان النامية مساهمات وطنية طموحة، لكنها غالبًا ما تفتقر إلى التمويل. بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، من المفترض أن يقدم الشمال الدعم المالي للجنوب في التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من حدته، إذ أنه تم النص بموجب اتفاق كوبنهاغن، الذي خرج كنتيجة لمؤتمر (COP15)، ان الحكومات من جميع أنحاء العالم تعهدت بتخصيص 100 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2020 لمساعدة البلدان النامية على التعامل مع آثار تغير المناخ. وفي عام 2022، أي بعد 13 عاماً من هذا الاتفاق، لم يتم الوفاء بهذا الوعد حتى الآن. لذلك، تطالب العديد من دول الجنوب بالدعم المالي الموعود وتعلن أنها ستجعله أحد الموضوعات الرئيسية لمؤتمر الأطراف في مصر.
تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا واحدة من أكثر المناطق تأثراً بالتغير المناخي في العالم، فالارتفاع المتوقع في معدل درجة الحرارة يصل إلى 3 - 4 درجات مئوية أعلى مما هو عليه في معظم المناطق الأخرى، وأن الزيادة الحادة في ندرة المياه وما يصاحبها من خسائر في المحاصيل والتصحر ستكون مدمرة بشكل خاص. إذ يمكن ملاحظة آثار تغير المناخ بشكل متزايد من خلال الظواهر الجوية المتطرفة والفيضانات الطينية وارتفاع مستوى سطح البحر. وتؤدي عواقب تغير المناخ إلى تفاقم فجوة الدخل الكبيرة حالياً، وعدم تكافؤ فرص الوصول إلى الموارد وما بدوره يؤدي الى الظلم الاجتماعي.
لذلك، استوجب أن يصبح COP27 في مصر محركًا لمزيد من العدالة المناخية، ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولكن أيضًا على المستوى العالمي. وتعمل مؤسسة فريدريش إيبرت، جنبًا إلى جنب مع المنظمات الشريكة الإقليمية والناشطين البيئيين على الترويج لمفهوم العدالة المناخية الدولية والوطنية وتبحث عن حلول للانتقال العادل للطاقة وذلك من خلال ربط الجهات الفاعلة وتعزيز قدرات المجتمع المدني، هذا ونأمل أن يتم الاستماع إلى المطالب الممثلة بالمزيد من العدالة المناخية في مؤتمر الأطراف في نوفمبر في شرم الشيخ. لا يزال بإمكاننا تجنب الضرر الأكبر في حال توحدنا جميعًا وتصرفنا بسرعة وشجاعة!