11.04.2023

صندوق النقد الدولي يوزع نقودا مجانية: كيف استفاد الأردن من مخصصات حقوق السحب الخاصة؟

تعتبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومن بينها الأردن، من بين البلدان الأكثر تضررًا من جائحة كورونا. تتسم المنطقة بارتفاع معدلات البطالة، وارتفاع الدين العام، وضعف أنظمة الحماية الاجتماعية، والتحديات في سداد الديون الحكومية وخاصة الخارجية منها.

وافق مجلس محافظي صندوق النقد الدولي في آب 2021، على توزيع مخصصات لحقوق السحب الخاصة (SDR) لجميع الدول الأعضاء، بقيمة إجمالية تبلغ 456 مليار وحدة حقوق سحب خاصة (650 مليار دولار أمريكي). كان ذلك التوزيع هو الأكبر لحقوق السحب الخاصة في التاريخ، بهدف تعزيز الاقتصاد من خلال توفير سيولة إضافية للبلدان لمواجهة التداعيات العالمية لوباء كورونا.

توضح الدراسة الحالية إلى أي مدى كانت هذه المخصصات مفيدة للأردن. تعتمد الدراسة في تحليلها على مراجعة الأدبيات ومقابلات فردية معمقة مع ممثلين عن البنك المركزي الأردني وأعضاء من مجلس النواب ذوي علاقة وخبراء مستقلين وسياسيين.

تقدم هذه الدراسة لمحة عامة عن طبيعة حقوق السحب الخاصة، والأغلبية المطلوبة لآليات التخصيص والتصويت. الى جانب عملية صنع القرار وسلطات وصلاحيات التصويت في مجلس محافظي صندوق النقد الدولي، حيث الانحياز نحو الاقتصادات الأكبر. وذلك بسبب ارتباط سلطات وصلاحيات التصويت مباشرة بحصص الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي.

تمتلك عشرة اقتصادات متقدمة، من بينها الولايات المتحدة، واليابان، والصين، وألمانيا، وفرنسا، والمملكة المتحدة غالبية حقوق التصويت مقابل 180 دولة عضوًا، تمتلك قوة تصويت مجتمعة تبلغ 44.7٪. وفي المقابل، تمتلك منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 5.3٪ فقط من إجمالي القوة التصويتية، بينما تمتلك الأردن 0.07٪ فقط. تتمتع الولايات المتحدة بحق النقض (الفيتو) الفعال على أي قرارات تتعلق بتخصيص حقوق السحب الخاصة. نظرًا لأن مخصصات حقوق السحب الخاصة مرتبطة بسلطات التصويت والحصص في صندوق النقد الدولي. حصلت الاقتصادات ذات الدخل المنخفض والمتوسط ​​على أقل عدد من حقوق السحب الخاصة، على الرغم من أنها كانت في أمس الحاجة إلى سيولة إضافية. ثانيًا، توصلت الدراسة إلى أنه على الرغم من تصوّر صندوق النقد الدولي لإعادة توجيه حقوق السحب الخاصة من الاقتصادات ذات الدخل المرتفع إلى الاقتصادات ذات الدخل المنخفض، إلا أن هذا لم يحدث إلا في نطاق محدود، على الرغم من إنشاء صندوق المرونة والاستدامة في نيسان 2022.

لذلك كان لمخصصات حقوق السحب الخاصة تأثير محدود فقط على تقوية هذه الاقتصادات، حيث أنها لم تغط سوى ما بين 2٪ و 7٪ من إجمالي احتياجات التمويل لبلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ذات الدخل المنخفض والمتوسط ​​مثل مصر والأردن والعراق. الى جانب تجاهل دعوات منظمات المجتمع المدني العربية لزيادة المخصصات.

وعلى الرغم من تشجيع صندوق النقد الدولي على استخدام حقوق السحب الخاصة بشفافية مع عدم المشروطية، إلا أن أي معلومات عن استخدام الأردن لحقوق السحب الخاصة نادرًا ما تكون متاحة للجمهور. ومع ذلك ، تمكن الباحثون من استخلاص بعض الاستنتاجات. تلقى الأردن ما يعادل 440.61 مليون دولار أمريكي من حقوق السحب الخاصة في عام 2021، والتي تم تحويلها في البداية إلى البنك المركزي الأردني. تم استبدال 95٪ من حقوق السحب الخاصة بالعملة الصعبة. بعد خلاف قانوني بين وزارة المالية والبنك المركزي، قرر الديوان الخاص بتفسير القوانين بتحويل الأموال إلى وزارة المالية في نيسان 2022، بررا ذلك أنه يجب على الحكومة "إنفاقها وفقا للأهداف التي وضعها صندوق النقد في ظل تفشي فيروس كورونا ".

في حين اختلف الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلات فردية معمقة في الرأي حول كيفية استخدام حقوق السحب الخاصة لتحقيق الهدف منها، اذ اشار البعض أن إنفاقها يمكن أن يؤدي إلى زيادة التضخم، ذكر آخرون أن الهدف من التخصيص الخاص هو إنفاق حقوق السحب الخاصة بدلاً من تعزيز الاحتياطيات، كما كانت وجهة نظر البنك المركزي الأردني. بالرغم من ذلك، لا يزال من غير الواضح كيف أنفقت الحكومة حقوق السحب الخاصة. وبناءا على بيانات المقابلات الفردية المعمقة، نجد أن حقوق السحب الخاصة قد تم إدراجها كإيرادات عامة للدولة، بحيث تم انفاقها على مختلف أوجه الانفاق المقرة في الموازنة العامة للدولة، وتنوعت أوجه الانفاق ما بين الانفاق على النفقات الجارية مثل الرواتب وغيرها، وبين تقديم الخدمات العامة مثل الرعاية الصحية والتعليم وغيرها، الى جانب تسديد التزامات القروض الخارجية والداخلية.

وخلصت الدراسة إلى أنه على الرغم من تخصيص حقوق السحب الخاصة دون قيد أو شرط لجميع الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي بما في ذلك الأردن، إلا أن هناك حاجة إلى رؤية طويلة الأمد لاستخدام حقوق السحب الخاصة وفهم مشترك لحقوق السحب الخاصة من قبل جميع الأطراف المعنية. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الأردن النظر في الامتثال لأفضل الممارسات الدولية في إدارة المالية العامة والحوكمة وتقديم المزيد من الشفافية بشأن استخدام حقوق السحب الخاصة والافصاح الدقيق عن اوجه انفاقها.

يمكنكم الاطلاع على الدراسة "صندوق النقد الدولي يوزع نقودا مجانية: كيف استفاد الأردن من مخصصات حقوق السحب الخاصة؟" كاملة باللغة الانجليزية عبر الرابط التالي :

https://mena.fes.de/topics/economic-policies-for-social-justice

هل ترغب بالمساهمة في هذه المدونة

شارك أفكارك مع فريقنا عبر البريد الإلكتروني

info.mena@fes.de