مستقبل الشباب الليبي: اجتياز العقبات بالأمل
يبعث مستقبل الشباب في ليبيا للقلق حيث كشفت دراسة استقصائية حديثة عن بعض النتائج المثيرة للاهتمام حول تطلعاتهم وقيمهم واهتماماتهم. فبالرغم من الوجود الحتمي لتحديات كبيرة يواجهها الشباب الليبي، فإن أسباب التفاؤل لا تزال قائمة.
يظلّ الاقتصاد من أكبر التحديات التي تواجه الشباب في ليبيا. معدلات البطالة مرتفعة، ويضطر العديد من الشباب إلى القيام بعمل غير منظم وتحت الحد الأدنى للأجور. الشيء الذي يجعلهم عرضة للاستغلال ويزيد من تفاقم مشاكلهم الاقتصادية. وأصبح من الضروري أن تتخذ الحكومة الليبية التدابير اللازمة لخلق فرص تشغيل وتحسين الوضع الاقتصادي العام.
قضية أخرى تشغل أيضا الشباب الليبي وهي المأزق السياسي الذي توجد فيه البلاد حاليًا. حيث أظهر الاستطلاع أن الشباب قلقون بشأن كيفية تأثير هذا المأزق على الصراع والأزمة الاقتصادية وبالرغم من حقيقة الارتباط الوثيق لهذه القضايا بالسياسة، فإن العديد من الشباب غير مهتمّين بالحياة السياسية. الشيء الذي لا يبشّر بالخير للانتخابات المقبلة والمشاركة الشبابية فيها.
تظل الأسرة عاملاً مهماً في حياة الشباب في ليبيا. ويظلّ تكوينها وقدرتها على توفير الأمن والاستقرار من أعلى تطلعات الشباب الليبي. فبالرغم من تقدير الشباب للعلاقات الأسرية واعتبارها قيّمة، إلّا أنهم لم يتوصلوا بعد إلى كيفية تبنّي القيم الجديدة للفردانية كجزءٍ من ذلك.
لا يتساوى الآباء والأمهات في أي جانب من جوانب الحياة، على الرغم من الدور المتزايد الذي تلعبه المرأة في المجالين الخاص والعام. إذ يضمن التمييز الممنهج ضد المرأة في ليبيا عدم وجود بنية تحتية داعمة، مما يجبر النساء على الاعتماد على أسرهن وبشكل أكثر تحديدًا على أفراد الأسرة الذكور.
من الناحية الإيجابية فقد سلّط الاستطلاع الضوء أيضًا على إدراك الشباب في ليبيا ومشاركتهم في الإجراءات المتعلقة بقضايا تغير المناخ والبيئة. فقد أضحوْا يريدون اتخاذ قرارات شخصية واعية تساهم في التوعية وتحدّ من الضرر وهي علامة مشجّعة نظرا إلى مشاكل المناخ المتصاعدة التي يواجهها العالم.
ومع ذلك، فإن تصرفات النخب الليبية، التي تواصل وضع الخطط الاقتصادية القائمة على النفط والغاز دون أي اعتبار لمشاكل المناخ المتصاعدة، ستحتاج إلى التغيير لإحداث فرق حقيقي في معالجة تغير المناخ.
وبالرغم من التحديات العديدة التي يواجهها الشباب الليبي، هناك أسباب تدعو للتفاؤل. حيث أظهر الاستطلاع أن الشباب في ليبيا متفائل بالمستقبل، لا سيما فيما يتعلق بمستقبله الخاص وفيما يتعلق بمستقبل المجتمع عامّة.
هذا الموقف جدير بالثناء، نظرا للعوائق العديدة التي يواجهونها. ومع ذلك، هناك الكثير الذي يتعين القيام به لمعالجة مخاوفهم وتطلّعاتهم، بما في ذلك حل مسألة الثقة، وزيادة مساءلة السياسيين، وإنشاء البنية التحتية الداعمة للمرأة.
وتَعُدّ مسألة الثقة واحدة من أكثر القضايا إلحاحًا التي تحتاج إلى معالجة حيث يرى الشباب أن المشاركة غير فعّالة ولا طائل من ورائها ما لم تكن هناك طرق لفرض النتائج.
إن استمرار الإفلات من العقاب في ليبيا وتهميش القضايا الجوهرية المتعلقة بالعدالة والمصالحة لهما تأثير وخيم على السكان الأصغر سنًا، والذي قد ينتج عنه تفاقم التفكك.
لمعالجة هذه المشكلة، تحتاج الحكومة الليبية إلى اتخاذ خطوات لزيادة مساءلة السياسيين في مناصب السّلطة ووضع قانون انتخابي يتفاعل مع النزاع.
هناك قضية أخرى تحتاج إلى المعالجة ألا وهي البنية التحتية الداعمة للمرأة. حيث يضمن التمييز الممنهج ضد المرأة في ليبيا انعدام بنية تحتية داعمة، مما يجبر النساء على الاعتماد على أسرهن وبشكل أكثر تحديدًا على أفراد الأسرة الذكور. يحتاج هذا إلى التغيير لتزويد النساء بمزيد من الدعم والاستقلالية في حياتهن.
ختاما، وبالرغم من وجود تحديات كبيرة مؤكّدة يواجهها الشباب الليبي، الّا أنّها توجد أيضًا أسباب للتفاؤل. إذ رسم الاستطلاع صورة مفصلة عن الوضع وعن عالم الشباب في ليبيا، مليئ بالتناقضات والتَضَارُبات. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه التحديات، لا يزال الشباب في ليبيا متفائلا بشأن المستقبل.
يجب تشجيع هذا التفاؤل ودعمه من قبل الحكومة الليبية، التي تحتاج إلى اتخاذ التدابير اللازمة وتفعيلها لمعالجة مخاوفهم وتطلعاتهم وذلك من خلال حل قضية الثقة وزيادة المساءلة وإنشاء البنية التحتية الداعمة للمرأة، سيمكن لليبيا إذا توفير مستقبل أكثر إشراقًا لشبابها والمجتمع بأسره.
لقراءة الدراسة الكاملة حول الشباب في ليبيا ومعرفة المزيد حول دراسة الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التابعة لمؤسسة فريدريش إيبرت: https://mena.fes.de/ar/topics/youth-study