تواجه الديمقراطية البرلمانية في تونس ضائقة شديدة، ويمكن لأفكار الرئيس قيس سعيد الراديكالية أن تفسد النظام السياسي.
عندما أُطيح بزين العابدين بن علي من منصبه، كان لدى التونسيين متسع من الوقت للتعود على الديمقراطية البرلمانية. وبعد ست انتخابات وطنية ومحلية "حرة ونزيهة"، يُنظر إلى تونس على أنها ديمقراطية راسخة وفعالة. إلا أن ممارسة الانتخاب لم تفضي إلى الاعتياد.
ولا يبدو أن التونسيين متعلقون جدًا بالديمقراطية الحزبية التي حصلوا عليها بشق الأنفس. بل على العكس، إذ أن تأييد الأحزاب السياسية والنظام البرلماني يستمران في الانحسار. وتكشف استطلاعات الرأي أن 9 في المئة فقط من السكان يثقون بالأحزاب السياسية و15 في المئة فقط في البرلمان. ويُظهر الشباب -على وجه الخصوص- ضعف تأييدهم على الرغم من أن الكثير منهم نزل إلى الشوارع في عام 2010 للتظاهر من أجل الديمقراطية. فكيف أصبحوا ساخطين بهذه السرعة؟
من الواضح أن الديمقراطية في تونس لم تحقق المطالب الأساسية للثورة. وينظر العديد من التونسيين إلى وضعهم الاجتماعي والاقتصادي الحالي على أنه أسوأ مما كان عليه قبل الثورة، سواء اعتبروا ذلك جراء نقص الوظائف وآفاق المستقبل أو الفوارق الاجتماعية والإقليمية المستمرة. ما يعني أنه يجب على الأنظمة السياسية التي تفرز مثل هذه النتائج الكارثية أن تواجه تحديات لشرعيتها.
يضاف إلى ذلك ما يمكن وصفه بعدم الارتياح العام للعملية السياسية. بعد سنوات من الجمود السياسي، وتم كشف زيف عملية "صنع القرار الديمقراطي" إلى حد كبير.
يُنظر الآن إلى الأحزاب على أنها أداة تعمل على إدامة هياكل السلطة بدلاً من تمثيل إرادة الشعب. ويرى العديد من التونسيين الأحزاب السياسية على أنها مثال للفساد والمحسوبية.
كل ما سبق هو أرض خصبة لزيادة شعبية المفاهيم التي يمكن أن تخلق نتائج ثورية مثل أحداث 2011. ويروج قيس سعيد، أستاذ القانون الدستوري الذي ترشح للرئاسة كمستقل وحقق نصرًا مفاجئًا لهذا. تولى الرئيس سعيد منصبه منذ أكتوبر 2019، وهو السياسي الأكثر شعبية في تونس حتى الآن.
يعود انتصار سعيد الانتخابي إلى حملته الشخصية وغير المشروطة ضد الفساد ورسالته حول الإصلاح الجذري للنظام السياسي وإلغاء الديمقراطية الحزبية. لسنوات، ادعى سعيد أن الأحزاب السياسية هي من مخلفات الماضي و "محكوم عليها بالموت". ويتقبل الشباب بشكل خاص نموذجه للديمقراطية المباشرة، حيث يتم انتخاب الأفراد، لا الأحزاب، على جميع مستويات الحكومة. وسيشمل النظام الجديد مجالس محلية واستفتاءات ويرأسه الرئيس. هذه الأفكار ليست جديدة تمامًا على المنطقة فهي تذكرنا جدًا بالجماهيرية الشعبية الليبية بقيادة معمر القذافي، على الرغم من افتقار سعيد إلى مقاربة القذافي الدينية والصوفية.
سيكون من السهل رفض هذا النموذج باعتباره غير عملي والإشارة إلى الشعبوية كخطر واضح وحاضر. لكن لا ينبغي استبعاد أفكار سعيد. يوضح نجاحه الأزمة العميقة لشرعية الديمقراطية في جميع أنحاء العالم. ولا ينبغي لأي شخص أن يغمض عينيه عن الحقيقة المذهلة المتمثلة في أن أستاذ القانون المتقاعد يحفز الشباب أكثر من جميع الأحزاب السياسية المسجلة البالغ عددها 226 في تونس معًا. إن الدعم المؤكد لسعيد من الاتحاد العام التونسي للشغل القوي يعني أنه حتما سيكون هناك حديث عن إجراء استفتاء لإصلاح الدستور. ومن المؤكد أن مثل هذا الاستفتاء سوف يأتي بنتائج جيدة بالنسبة لسعيد.
لم تفهم الأحزاب السياسية التونسية بعد أن وجودها على المحك. وإذا لم تتمكن الأحزاب وقياداتها من تحقيق أي نجاحات ملموسة قريبًا، فإن وضعها سيتدهور أكثر. تتطلب مواجهة أفكار سعيد الراديكالية إجراءات راديكالية مماثلة. ومن الواضح أن الانتخابات المنتظمة لا تضمن المشاركة السياسية الكافية. ويتطلب ضمان مستقبل الديمقراطية البرلمانية في تونس العمل على تعزيز المشاركة الاجتماعية والاقتصادية من خلال إعادة التوزيع وتفكيك الكارتلات.
###
هنريك ماير باحث في السياسة ودراسات الشرق الأوسط، ويرأس مكتب تونس في مؤسسة فريدريش إيبرت منذ عام 2015.
Share your ideas with our team!
info.mena@fes.de
This site uses third-party website tracking technologies to provide and continually improve our services, and to display advertisements according to users' interests. I agree and may revoke or change my consent at any time with effect for the future.
These technologies are required to activate the core functionality of the website.
This is an self hosted web analytics platform.
Data Purposes
This list represents the purposes of the data collection and processing.
Technologies Used
Data Collected
This list represents all (personal) data that is collected by or through the use of this service.
Legal Basis
In the following the required legal basis for the processing of data is listed.
Retention Period
The retention period is the time span the collected data is saved for the processing purposes. The data needs to be deleted as soon as it is no longer needed for the stated processing purposes.
The data will be deleted as soon as they are no longer needed for the processing purposes.
These technologies enable us to analyse the use of the website in order to measure and improve performance.
This is a video player service.
Processing Company
Google Ireland Limited
Google Building Gordon House, 4 Barrow St, Dublin, D04 E5W5, Ireland
Location of Processing
European Union
Data Recipients
Data Protection Officer of Processing Company
Below you can find the email address of the data protection officer of the processing company.
https://support.google.com/policies/contact/general_privacy_form
Transfer to Third Countries
This service may forward the collected data to a different country. Please note that this service might transfer the data to a country without the required data protection standards. If the data is transferred to the USA, there is a risk that your data can be processed by US authorities, for control and surveillance measures, possibly without legal remedies. Below you can find a list of countries to which the data is being transferred. For more information regarding safeguards please refer to the website provider’s privacy policy or contact the website provider directly.
Worldwide
Click here to read the privacy policy of the data processor
https://policies.google.com/privacy?hl=en
Click here to opt out from this processor across all domains
https://safety.google/privacy/privacy-controls/
Click here to read the cookie policy of the data processor
https://policies.google.com/technologies/cookies?hl=en
Storage Information
Below you can see the longest potential duration for storage on a device, as set when using the cookie method of storage and if there are any other methods used.
This service uses different means of storing information on a user’s device as listed below.
This cookie stores your preferences and other information, in particular preferred language, how many search results you wish to be shown on your page, and whether or not you wish to have Google’s SafeSearch filter turned on.
This cookie measures your bandwidth to determine whether you get the new player interface or the old.
This cookie increments the views counter on the YouTube video.
This is set on pages with embedded YouTube video.
This is a service for displaying video content.
Vimeo LLC
555 West 18th Street, New York, New York 10011, United States of America
United States of America
Privacy(at)vimeo.com
https://vimeo.com/privacy
https://vimeo.com/cookie_policy
This cookie is used in conjunction with a video player. If the visitor is interrupted while viewing video content, the cookie remembers where to start the video when the visitor reloads the video.
An indicator of if the visitor has ever logged in.
Registers a unique ID that is used by Vimeo.
Saves the user's preferences when playing embedded videos from Vimeo.
Set after a user's first upload.
This is an integrated map service.
Gordon House, 4 Barrow St, Dublin 4, Ireland
https://support.google.com/policies/troubleshooter/7575787?hl=en
United States of America,Singapore,Taiwan,Chile
http://www.google.com/intl/de/policies/privacy/