قد لا يبدو أن ليبيا تشهد انتشارا قويًا لفايروس كورونا في الوقت الحالي، إذ تم تأكيد 61 حالة إصابة حتى بدايات شهر مايو، وتم تسجيل أول حالة في 17 مارس. لكن قدرات الاختبار منخفضة، وقد يكون سياق الحرب الأهلية بمثابة غطاء لانتشار الفيروس بصمت.
ليبيا دولة مقسمة اليوم، تسيطر "حكومة الوفاق الوطني" المعترف بها دوليًا بشكل أساسي على العاصمة طرابلس، وبعض المدن المحيطة بها. في حين أن "الجيش الوطني الليبي" والذي تم تغيير اسمه مؤخرا إلى قوات الجيش العربي الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر يسيطر على معظم مناطق الشرق والجنوب. وسرعان ما فرضت السلطتان حظر تجوال على المواطنين في مناطق سيطرتهما لقمع انتشار الفيروس. يعمل المركز الوطني لمكافحة الأمراض، الذي يعتبر جزءًا من حكومة الوفاق الوطني في جميع أنحاء ليبيا. لكن بسبب الموجة الأخيرة من الحرب الأهلية المستمرة منذ أكثر من عام والتي دمرت البلاد، فإن تفشي الفيروس على الصعيد العالمي يلعب مع تداعيات أكثر قتامة في ليبيا، فهو يوفر غطاءً للتصعيد العسكري.
بعد فترات طويلة من الجمود والعديد من جولات المفاوضات الفاشلة، كان من المتوقع أن يتصعد الصراع من جديد. حتى بعد "مؤتمر برلين" الذي استضافته أنجيلا ميركل في يناير ،2020 وسعى إلى جمع كل الداعمين الأجانب للفصائل الليبية المتحاربة للمرة الأولى. كما استقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا، غسان سلامة في شهر مارس 2020. منذ هذا الانهيار لجهود السلام الدولية، حصل طرفا الصراع على دعم عسكري كبير من الخارج. دعمت تركيا حكومة الوفاق الوطني بطائرات بدون طيار وأسلحة مضادة للطائرات، مما كسر ميزة قوات حفتر الجوية. في الوقت نفسه، بدأت الإمارات في إرسال الإمدادات العسكرية إلى الجيش الوطني الليبي عن طريق الجو، وهي إضافة لمصر وروسيا أهم داعمي حفتر الدوليين.
مع تزويد كلا الجانبين بشكل جيد بالأسلحة وداعمين دوليين في صفهم، أتاحت أزمة فايروس كورونا فرصة ممتازة للتصعيد العسكري. منذ ذلك الحين، تحول الاهتمام الدولي في الأغلب لمواجهة الأزمة الصحية، لذلك صعدت القوات الخاضعة لحكومة الوفاق الوطني والجيش العربي الليبي العمليات العسكرية دون مخاوف من تداعيات دبلوماسية. وفي مثل هذا السياق، فإن أي خطة احتواء وطنية جادة محكوم عليها بالفشل. وسرعان ما بدأ الطرفان بإلقاء اللوم على بعضهما البعض "بإدخال الفيروس إلى ليبيا من خلال المرتزقة الأجانب". كما أصدر الجانبان تصريحات لجنودهما بعدم استخدام أي معدات عسكرية أو أسلحة تم حيازتها من الخصوم، خشية أنه لم يتم تطهيرها بشكل صحيح. وهكذا أصبح فايروس كورونا أحدث إضافة إلى حرب معلومات مستمرة تهدف إلى تشويه سمعة المعسكر المعارض.
ولكن حتى قبل جولات القتال الأخيرة، كانت ليبيا غير مستعدة لمواجهة جائحة مثل فايروس كورونا المستجد. لقد أهلكت الحرب النظام الصحي، المتاح عادة مجانًا لكل مواطن، وتضررت العديد من المرافق الصحية وأغلقت. هناك نقص في الموظفين المتخصصين ومعدات الحماية، في حين أن أسرّة المستشفيات المتبقية يشغلها المقاتلون والمدنيون الذين أصيبوا بسبب الحرب. اعتاد الليبيون على طلب العلاج الطبي في البلدان المجاورة مثل تونس أو مصر، ولكن بعد إغلاق جميع الحدود البرية والبحرية، أصبح ذلك مستحيلاً. في طرابلس، تم إغلاق المستشفى الذي كان من المتوقع أن يعالج مرضى فايروس كورونا حاليًا بعد تعرضه لقصف من قبل الجيش العربي الليبي لمدة ثلاثة أيام.
إذا لم يكن هذا الوضع كافيا لإثارة المخاوف، فقد تم قطع إمدادات المياه للعاصمة طرابلس وسكانها الثلاثة ملايين. منعت القوات الموالية لحفتر شبكة "النهر الصناعي العظيم" التي تزود طرابلس بالمياه العذبة من طبقات المياه الجوفية في الصحراء في أوائل أبريل. بعد أيام، تم مهاجمة وإغلاق مصنع للغاز، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي بشكل متقطع في طرابلس. يتم ارتكاب جرائم الحرب تحت غطاء تفشي الفيروس. مع قصف متكرر للمناطق المدنية، يواجه الكثيرون خيارًا صعبًا بين البقاء في منازلهم وبين التعرض للقصف أو مغادرة منزلهم والتعرض للفيروس.
تلقى الوضع الاجتماعي في ليبيا ضربة قوية بنفس القدر: فقد أدى القتال، حتى قبل التصعيد الأخير، إلى تشريد حوالي 150 ألف شخص. وتضررت مصادر دخل معظم الليبيين بشدة في عام من القتال، حيث سيؤدي الإغلاق الحالي وارتفاع أسعار السلع الأساسية إلى دفع العديد من الأسر إلى الفقر. والأسوأ من ذلك هو وضع عشرات الآلاف من المهاجرين واللاجئين معظمهم من جنوب الصحراء، الذين حشروا في مراكز الاعتقال بعد احتجازهم على البحر الأبيض المتوسط من قبل خفر السواحل الليبي المدعوم من الاتحاد الأوروبي. إذا وصل فايروس كورونا إلى مراكز احتجاز المهاجرين، حيث الظروف الإنسانية والصحية سيئة بالفعل، فإن العواقب ستكون كارثية.
###
توماس كلاس، مدير مكتب مؤسسة فريدريش إيبرت في ليبيا
شارك أفكارك مع فريقنا عبر البريد الإلكتروني
info.mena@fes.de
This site uses third-party website tracking technologies to provide and continually improve our services, and to display advertisements according to users' interests. I agree and may revoke or change my consent at any time with effect for the future.
These technologies are required to activate the core functionality of the website.
This is an self hosted web analytics platform.
Data Purposes
This list represents the purposes of the data collection and processing.
Technologies Used
Data Collected
This list represents all (personal) data that is collected by or through the use of this service.
Legal Basis
In the following the required legal basis for the processing of data is listed.
Retention Period
The retention period is the time span the collected data is saved for the processing purposes. The data needs to be deleted as soon as it is no longer needed for the stated processing purposes.
The data will be deleted as soon as they are no longer needed for the processing purposes.
These technologies enable us to analyse the use of the website in order to measure and improve performance.
This is a video player service.
Processing Company
Google Ireland Limited
Google Building Gordon House, 4 Barrow St, Dublin, D04 E5W5, Ireland
Location of Processing
European Union
Data Recipients
Data Protection Officer of Processing Company
Below you can find the email address of the data protection officer of the processing company.
https://support.google.com/policies/contact/general_privacy_form
Transfer to Third Countries
This service may forward the collected data to a different country. Please note that this service might transfer the data to a country without the required data protection standards. If the data is transferred to the USA, there is a risk that your data can be processed by US authorities, for control and surveillance measures, possibly without legal remedies. Below you can find a list of countries to which the data is being transferred. For more information regarding safeguards please refer to the website provider’s privacy policy or contact the website provider directly.
Worldwide
Click here to read the privacy policy of the data processor
https://policies.google.com/privacy?hl=en
Click here to opt out from this processor across all domains
https://safety.google/privacy/privacy-controls/
Click here to read the cookie policy of the data processor
https://policies.google.com/technologies/cookies?hl=en
Storage Information
Below you can see the longest potential duration for storage on a device, as set when using the cookie method of storage and if there are any other methods used.
This service uses different means of storing information on a user’s device as listed below.
This cookie stores your preferences and other information, in particular preferred language, how many search results you wish to be shown on your page, and whether or not you wish to have Google’s SafeSearch filter turned on.
This cookie measures your bandwidth to determine whether you get the new player interface or the old.
This cookie increments the views counter on the YouTube video.
This is set on pages with embedded YouTube video.
This is a service for displaying video content.
Vimeo LLC
555 West 18th Street, New York, New York 10011, United States of America
United States of America
Privacy(at)vimeo.com
https://vimeo.com/privacy
https://vimeo.com/cookie_policy
This cookie is used in conjunction with a video player. If the visitor is interrupted while viewing video content, the cookie remembers where to start the video when the visitor reloads the video.
An indicator of if the visitor has ever logged in.
Registers a unique ID that is used by Vimeo.
Saves the user's preferences when playing embedded videos from Vimeo.
Set after a user's first upload.
This is an integrated map service.
Gordon House, 4 Barrow St, Dublin 4, Ireland
https://support.google.com/policies/troubleshooter/7575787?hl=en
United States of America,Singapore,Taiwan,Chile
http://www.google.com/intl/de/policies/privacy/