قبل ما يزيد عن عام بقليل، كلف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني اللجنة الملكية لتحديث النظام السياسي بإقتراح إصلاحات لتوجيه المملكة الهاشمية نحو الديمقراطية.
قبل ما يزيد عن عام بقليل، كلف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني اللجنة الملكية لتحديث النظام السياسي بإقتراح إصلاحات لتوجيه المملكة الهاشمية نحو الديمقراطية، وقد تم إيلاء إهتمام خاص لزيادة مشاركة كل من الشباب والنساء في الحياة السياسية الأردنية بناء على الرواية القائلة بأنه لا يمكن أن تتحقق الديمقراطية بدون الشمول والمساواة، وقد إنعكس ذلك أيضًا في تقرير اللجنة: حيث تضمن كل فصل من الفصول الستة قسمًا فرعيًا عن المرأة، وحتى قسمًا مخصصًا بالكامل لهن، وعلى النقيض من ذلك، كان ربع أعضاء اللجنة البالغ عددها (74) عضوا من النساء فقط، ومن ثم لا يزال مدى مشاركة منظمات حقوق المرأة بشكل مباشر في صياغة التقرير غير واضح إلى حد كبير.
وعليه، فإن الحاجة ملحة لإتخاذ إجراءات واضحة: ففي العام 2021م، إحتل الأردن المرتبة 144 من أصل 157 دولة في جميع أنحاء العالم عندما يتعلق الأمر بالتمكين السياسي للمرأة، أي بعد المملكة العربية السعودية، وهو انخفاض حاد منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث أمكن العثور على وزيرتين فقط في مجلس الوزراء الحالي، في حين لا يتجاوز عدد النساء في مجلس النواب الحد الأدنى القانوني وهو 16 من أصل 130 نائب، حيث أن 58 عضو من أصل 65 من أعضاء مجلس الأمة هم من الرجال، وتتوجه النساء إلى صناديق الاقتراع كمرشحات أو ناخبات بأعداد أقل بكثير من الرجال، ففي الإنتخابات البرلمانية الأخيرة في عام 2020م، بلغت نسبة النساء من المرشحات 22٪ فقط، حتى أن نسبة المشاركة المنخفضة بالفعل تاريخيًا كانت أقل بين النساء، ويتضح هذا النموذج أيضًا على المستوى المحلي: لم تكن هناك ولو امرأة واحدة من بين كل خمسة مرشحين في الانتخابات البلدية الأخيرة، كما لم تنافس أي إمرأة ولو واحدة على منصب رئيس البلدية – مقابل 572 مرشحا من الرجال.
إن النقاش حول مشاركة المرأة على قدم المساواة في السياسة الأردنية ليس جديدًا ولكنه اكتسب زخمًا كبيرا في سياق الإصلاحات، ففي العام 2021م، نشرت مؤسسة فريدريش إيبرت كتاب بعنوان: سنوات النضال - الحركة النسائية في الأردن، من تأليف الصحفية والناشطة رنا الحسيني، التي أطلقت مؤخرًا النسخة العربية من الكتاب، وبحسب الحسيني، هناك أربعة عوامل رئيسية تعرقل ترشح النساء على وجه الخصوص وإحتمال الحصول على مقعد: فهناك تحيز مجتمعي يشكك في قدرة المرأة على القيادة، حيث أن نظام التصويت يأتي لصالح المرشحين الذكور، اضافة الى عدم توافق النشاط السياسي مع دور المرأة في المجتمع، وكذلك الحاجة الى تأمين موارد مالية كبيرة للحملة الإنتخابية، وبناء عليه، إلى أي مدى تم تناول هذه القضايا من خلال الإصلاحات بعد كل ذلك؟
تعزيز المشاركة السياسية - القول أسهل من الفعل
تمثل الهدف الأساسي للإصلاحات في سد الفجوة بين الجنسين المذكورة أعلاه: حيث يحتفظ قانون الإنتخاب الجديد بنسبة 30٪ من مقاعد مجلس النواب للقوائم الحزبية في نظام القائمة الوطنية المغلقة، والتي يجب أن تصنف امرأة واحدة على الأقل تحت المرشحين الثلاثة الأوائل، وفي حين أن ذلك من شأنه أن يزيد عدد النساء في البرلمان، فإن النتيجة تعتمد بشكل كبير وحاسم على مدى جودة أداء الأحزاب في صناديق الاقتراع وما إذا كان المرشحون الذكور البارزون يتخلون عن المناصب الآمنة لصالح المرأة المرشحة، وبالنظر إلى النسبة الحالية المتدنية من النساء اللاتي يتولين المناصب القيادية الحزبية وفرصة دخول البرلمان في المقام الأول، فقد تفشل الأحزاب الصغيرة بشكل خاص في تلبية هذه التوقعات، علما بأن اللوائح التنظيمية الأخرى من الأعلى إلى الأسفل وبالتالي التحديات التنظيمية بموجب القانون تشترط بأن يكون ما لا يقل عن 20% من الأعضاء المؤسسون لكل حزب من النساء، مما يوسع قاعدة الحزب النسائية، الا أنه ما زال يتعين رؤية ما إذا كان ذلك يمكن أن يحول عملية صنع القرار والبرامج داخل الأحزاب إلى ما وراء التغييرات الكمية أو ما إذا كانت الأحزاب ستقوم بتحقيق الحد الأدنى المطلق فقط.
يمكن أن تكون الرؤية الخطوة الأولى نحو التغيير
ينتظر أن نرى ما إذا كان تمثيل المرأة في البرلمان سيتجاوز مقاعد الكوتا - المقاعد المخصصة للنساء - وهو أمر لم يحدث في الانتخابات العامة الأخيرة في عام 2020م، لكن، مع ذلك ، وفي مقابلة مع الكاتبة، شددت الحسيني على أن مقاعد الكوتا النسائية تعزز من هذه الرؤية وقد نجحت في تعزيز قبول وتوسيع المشاركة السياسية النسائية بين الجمهور الأوسع في الماضي، وتدعم بيانات الباروميتر العربي الأخيرة إدعاءها المشار اليه: فقد إنخفضت الموافقة العامة على القول بأن الرجال هم أكثر تأهيلًا للقيادة السياسية من حوالي 74٪ في السنوات السابقة إلى 53٪ في عام 2020م، وبالمثل ، فإن الموافقة على التصريح بأن المرأة يمكن أن تصبح رئيسة للوزراء في بلد مسلم قد ارتفع من متوسط 65-69٪ في السنوات السابقة إلى 72٪ في عام 2022م، بينما لا يزال واضحًا على ما يبدو أن التحيز المجتمعي ضد القيادة السياسية للمرأة يتآكل ببطء.
لا عمل للمرأة؟ ولا تزال السياسة تمثل بيئة عمل مليئة بالتحديات
لا يعالج أي من هذه الإصلاحات ظروف العمل الصعبة للنساء السياسيات، فكثير منها ينعكس في القطاع الاقتصادي، ففي الأردن، لا تزال المشاركة الاقتصادية للمرأة منخفضة، في حين أن العمل (السياسي) مقبول بشكل عام من حيث البيئة الاجتماعية للمرأة، إلا أن مثل هذا القبول يتدهور بشكل سريع إذا تبين أن العمل يأتي على حساب الأسرة أو يتم في بيئة عمل مختلطة بين الجنسين، فغالبًا ما تواجه النساء العنف القائم على نوع الجنس الاجتماعي أثناء الحملات أو عندما يشغلن مناصب إدارية - وهو ما يمثل عقبة أخرى أمام أولئك الذين يفكرون في دخول الساحة السياسية، وما لم يحصل تغيير في هذا الصدد، فإنه من غير المرجح أن تزداد المشاركة الاقتصادية والسياسية على حد سواء بسرعة.
المساواة في السياسة دون المساواة أمام القانون؟
تقى مسألة عدم المساواة أمام القانون أهم عقبة أمام مشاركة المرأة، فالدستور الأردني لا يوفر المساواة القانونية الكاملة لأن المادة (6) منه تحظر التمييز "على أساس العرق واللغة والدين" فقط وليس على أساس الجنس، وفث الوقت الذي لم تتطرق فه اللجنة إلى هذا الأمر، فقد أضاف تعديل دستوري "صيغة أنثوية" الأردنيين (الأردنيات) إلى الفصل الثاني، وحدد حقوق الأردنيين وواجباتهم، وبالتزامن مع ذلك ، فإن هناك بند يأمر الدولة صراحة بتمكين المرأة وحمايتها من كافة أشكال العنف والتمييز، وفي الوقت الذي كانت فيه هذه المسألة بالفعل مثارًا للجدل خلال المناقشات البرلمانية، إلا أن هذه الإجراءات لا تزال بعيدة عن أن تكون بديلاً كافياً - ليس فقط بالنسبة للنساء المراقبات، فوزير الخارجية الأردني الأسبق مروان المعشر، على سبيل المثال، إنتقد مصطلح "تمكين المرأة" بإعتباره غامضًا للغاية وأشار إلى أن "ثغرة" التمييز المذكورة أعلاه بقيت دون مساس بعيدا عن هذا البند - وطالب بالمساواة الدستورية الكاملة بدلاً من ذلك، وفي ظل الوضع القائم حاليا، جادلت رنا الحسيني أيضًا في مقابلة مع الكاتب بأن الدعاوى القضائية المستقبلية قد تكون ضرورية للتوضيح.
يتطلب التغيير الهادف إصلاحات أكثر من الأعلى إلى الأسفل
في الوقت الذي تزيد فيه التعديلات والإصلاحات الحالية بالتأكيد من فرص تحسين مشاركة المرأة، الا أنه من الواضح أنها لا تقدم قفزة هائلة إلى الأمام، فلا تزال هناك عقبات كبيرة داخل النظام السياسي وخارجه، مما جعل التجارب السابقة موضع شك لدى العديد من المراقبين والناشطين، ومن الأهمية بمكان في هذا الصدد أن نرى كيف ستلبي الأحزاب تلك المطالب التي فرضت عليها إلى حد كبير، و في هذه الحالة، يُطرح سؤال، كيف يمكن للمجتمع المدني في البلاد وخاصة الحركة النسائية، أن يجد دوره في مواكبة عملية تنفيذ الإصلاحات والدفع بإتجاهه من أجل الحصول على مزيد من التغيير، فالنشاط المدني في الأردن الذي وصف من قبل "فريدوم هاوس" مؤخرًا بأنه "غير حر" يواجه العديد من التحديات والحوافز لـ "معرفة الحدود التي يجب تجاوزها و أين، ومتى يجب التوقف حتى لا يتم سحقها"، على حد تعبير الحسيني، وحيث أنها لا تزال تأمل في أن يتحقق النجاح على المدى الطويل، فإن قدرة المجتمع المدني على معالجة عدم المساواة والظلم بشكل فعال في جميع جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمرأة في الأردن هي المفتاح الرئيس لمنع بقاء هذه الجولة من الإصلاحات نمر من ورق.
شارك أفكارك مع فريقنا عبر البريد الإلكتروني
info.mena@fes.de
This site uses third-party website tracking technologies to provide and continually improve our services, and to display advertisements according to users' interests. I agree and may revoke or change my consent at any time with effect for the future.
These technologies are required to activate the core functionality of the website.
This is an self hosted web analytics platform.
Data Purposes
This list represents the purposes of the data collection and processing.
Technologies Used
Data Collected
This list represents all (personal) data that is collected by or through the use of this service.
Legal Basis
In the following the required legal basis for the processing of data is listed.
Retention Period
The retention period is the time span the collected data is saved for the processing purposes. The data needs to be deleted as soon as it is no longer needed for the stated processing purposes.
The data will be deleted as soon as they are no longer needed for the processing purposes.
These technologies enable us to analyse the use of the website in order to measure and improve performance.
This is a video player service.
Processing Company
Google Ireland Limited
Google Building Gordon House, 4 Barrow St, Dublin, D04 E5W5, Ireland
Location of Processing
European Union
Data Recipients
Data Protection Officer of Processing Company
Below you can find the email address of the data protection officer of the processing company.
https://support.google.com/policies/contact/general_privacy_form
Transfer to Third Countries
This service may forward the collected data to a different country. Please note that this service might transfer the data to a country without the required data protection standards. If the data is transferred to the USA, there is a risk that your data can be processed by US authorities, for control and surveillance measures, possibly without legal remedies. Below you can find a list of countries to which the data is being transferred. For more information regarding safeguards please refer to the website provider’s privacy policy or contact the website provider directly.
Worldwide
Click here to read the privacy policy of the data processor
https://policies.google.com/privacy?hl=en
Click here to opt out from this processor across all domains
https://safety.google/privacy/privacy-controls/
Click here to read the cookie policy of the data processor
https://policies.google.com/technologies/cookies?hl=en
Storage Information
Below you can see the longest potential duration for storage on a device, as set when using the cookie method of storage and if there are any other methods used.
This service uses different means of storing information on a user’s device as listed below.
This cookie stores your preferences and other information, in particular preferred language, how many search results you wish to be shown on your page, and whether or not you wish to have Google’s SafeSearch filter turned on.
This cookie measures your bandwidth to determine whether you get the new player interface or the old.
This cookie increments the views counter on the YouTube video.
This is set on pages with embedded YouTube video.
This is a service for displaying video content.
Vimeo LLC
555 West 18th Street, New York, New York 10011, United States of America
United States of America
Privacy(at)vimeo.com
https://vimeo.com/privacy
https://vimeo.com/cookie_policy
This cookie is used in conjunction with a video player. If the visitor is interrupted while viewing video content, the cookie remembers where to start the video when the visitor reloads the video.
An indicator of if the visitor has ever logged in.
Registers a unique ID that is used by Vimeo.
Saves the user's preferences when playing embedded videos from Vimeo.
Set after a user's first upload.
This is an integrated map service.
Gordon House, 4 Barrow St, Dublin 4, Ireland
https://support.google.com/policies/troubleshooter/7575787?hl=en
United States of America,Singapore,Taiwan,Chile
http://www.google.com/intl/de/policies/privacy/