07.03.2024

نتوق إلى رؤية مشتركة حول المستقبل

تحدّث رياض المالكي ، وزير الخارجية الفلسطيني، عن أهداف الحرب الإسرائيلية ونزوح سكان غزة عن أرضهم وعن وقفٍ محتملٍ لإطلاق النار.

بعد مرور أربعة أشهر من الحرب على غزة، أعلنت إسرائيل عن اجتياح برّيّ لمدينة رفح. أصدرت وزيرة الخارجية الألمانية - أنالينا  بيربوك - تحذيراً تصف به هذه الهجمات الوشيكة بأنّها كارثة إنسانية. ما تقييمك للوضع في قطاع غزة؟

أتفق تماما السيدة "بيربوك" في أن الوضع مزرٍ للغاية، بل وأكثر من مزرٍ. امتنعت الدول حتى الآن عن تسمية ما يحدث في غزة منذ 129 يوما بما نعتبرهُ إبادةً جماعية. وسيثبت الهجوم على رفح بأنها فعلاً إبادة جماعية. في غضون الأسبوع الماضي فقط، من أجل تحرير رهينتين، قتلت القوات الإسرائيلية 126 فلسطينياً معظمهم من الأطفال والنساء وأصابت أكثر من 200 آخرين واستهدفت 50 بلدة في رفح وحدها. ومن الجليّ حقاً أنا إسرائيل لا تتقيد بالتزاماتها وفقاً للقانون الدولي، بل وترتكب كافة أنواع الجرائم في سبيل تحقيق أهدافها. وها هي تتجلّى حقيقة الوضع بأنها كارثة إنسانية يشاهدها العالم على شاشات التلفاز. ومن المهم جداً ألّا يقتصر الأمر على هذه الدول بإصدار البيانات فحسب، بل وأن تتخذ الإجراءات اللازمة حيث أن هذه التصريحات لن توفر الأمن والحماية التي بأمس الحاجة لها الأبرياء في غزة.

 

بينما يلتفت العالم إلى غزة، تبقى الضفة الغربية بعيدة عن الأضواء. كيف هوالوضع هناك؟

تقوم قوات الاحتلال والجيش الإسرائيلي ومجموعات مسلحة من المستوطنين باستغلال تركيز الاهتمام العالمي على غزة وتضليلها عن الضفة الغربية بترهيب المدنيين وارتكاب كافة أنواع الجرائم ضد الفلسطينيين في الضفة. تحدث يوميّا فظائع مروُعة في الضفة، كمصادرة الأراضي وهدم المنازل واقتلاع الأشجار وقتل الأبرياء وترويع العائلات وأطفال المدارس. تتمّ هذه الجرائم بالتنسيق الدقيق بين جنود الاحتلال والمستوطنين – حيث يتواجد الجنود على مدار الوقت استعداداً لحماية المستوطنين من أي رد فعل قد يبدر من الفلسطينيين المحليين جراء ما يتعرضون له من المستوطنين، لكن دائما ما ينتهي الأمر إمّا بضرب الفلسطينيين واعتقالهم أو بمصادرة ممتلكاتهم.-. يجب وضع حد لهذه الأعمال كما يجب على المجتمع الدولي أن يولي اهتمام للوضع في الضفة الغربية كما الوضع في غزة.

 

أعلنت إسرائيل أن هدفها القضاء على حماس. فما الخيارات المتاحة لها بعد مجزرة السابع من أكتوبر؟

هناك أهداف معلنة لدولة الاحتلال وأخرى غير معلنة. تجد أهدافهم المعلنة بعيدة المنال، في البداية تحدثوا عن القضاء على حماس، ثم أصبح حديثهم عن القضاء على قدرات حماس، والآن يتحدثون عن الاستيلاء على أسلحة حماس. تعرف إسرائيل تماما أن تدمير حماس أمرٌ غير ممكن، كما أن إطلاق سراح الرهائن أحياء ليس ممكنا كذلك في ظل القصف العنيف الحالي. أمّا بالنسبة لأهدافهم الغير المعلنة، فهي تحويل أرض غزة إلى أرض غير قابلة للسكن والتهجير القسري للفلسطينيين خارج غزة، والقتل الجماعي للفلسطينيين ولا سيّما الأطفال والنساء، والانهيار التام للخدمات العامة والنظام الصحي والنظام التعليمي، هذا ما حققه بالفعل الجيش الإسرائيلي في الأشهر الأولى، ورغم ذلك هم يواصلون الحرب.

 

هذا يعنيأن حماس ستبقى لاعبا سياسيا. كيف ترى مستقبل الحكم الذاتي الفلسطيني؟ هل تتفاوض فتح وحماس حول حكومة تكنوقراط؟

لا فرق بين الضفة الغربية وغزة. السلطة الفلسطينية هي المسؤولة عن كلاهما. ونحن " السلطة الفلسطينية" نرفض الحديث عن أي شيء حتى تنتهي الحرب وحتى يكون هناك وقف تام ودائم لإطلاق النار. عندها فقط يمكن الحديث عن إعادة الخدمات وتفعيل كوادرنا في غزة. ولكي نتمكن من تحمل المسؤولية كسلطة في غزة، والبحث عن طرق حول البدء في تقديم أنوع الخدمات التي في أمس الحاجة لها الناس، فمن الضروري أن يقف المجتمع الدولي بقوّه لتحقيق وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب.

 

كيف يمكن أن يكون شكل النظام الأمني في غزة بعد الحرب؟ وكيف يمكن السيطرة على حماس؟

هذا شيء نحن مستعدون لمناقشته - في ظل فكرة أن السلطة الفلسطينية لديها السلطة الكاملة، ليس فقط من حيث توفير الخدمات ولكن أيضاً من حيث توفير الأمن. من الواضح أننا بحاجة إلى إعادة بناء القدرات، نحن بحاجة إلى تدريب الناس. ومن أجل ذلك، نحتاج إلى الدعم من عدد من الدول، ونحن منفتحون على سبل القيام بذلك. ربما تكون هناك حاجة إلى فترة انتقالية قبل أن نصل إلى القدرة على تولي الأمن بشكل كامل، ولكن في نهاية المطاف، يجب أن تكون السلطة الفلسطينية هي المسيطرة. السلطة الفلسطينية هي الممثل الوحيد للشعب في غزة والضفة الغربية على حد سواء.

 

ماذا تحتاجون من شركائكم الدوليين في العالم العربي وفي الغرب؟

من العالم العربي، نحتاج الدعم السياسي والمالي فيما يتعلق بإعادة الإعمار بعد الحرب، وهمقبلوا بهذه المسؤولية وخاصة دول الخليج، ولكن بصرف النظر عن وضع "خطة مارشال لغزة، هناك شيء آخر: نحن بحاجة إلى تحقيق رؤية مشتركة حول المستقبل. نحن نعمل بشكل وثيق مع العرب وننسق معهم لمحاولة تقديم طريق للانتقال مما نحن عليه اليوم إلى ما نريد أن نكون عليه مستقبلا. يمكن للدول العربية إستخدام إستخدام نفوذها و تقديم مثل هذه الرؤية السياسية إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اللذان بدورهما سيشجعان إسرائيل على التفاوض معنا بشأن المستقبل.

هذه المقالة مترجمة من المقالة الأصلية التي نشرتها IPS
لقراءة المقال باللغة الإنجليزية، يرجى الضغط على الرابط التالي: https://www.ips-journal.eu/interviews/we-need-a-joint-vision-about-the-future-7328/